ربما كان انقطاعي الطويل عن الكتابة بسبب الظروف التي أعيشها,وبسبب المشاكل والأحداث العصيبة التي أمر منذ سنوات .وربما لأنني أرغب في نسيان ما يحدث فلا يجب أن أذكره في كتاباتي لأنه سوف يمسي ماضياَ لا يُنتسى. نعم لأنني كلما كنت أفكر في كتابة ما يحصل أتمنع ظنّاً مني بأنه سيكون قاسيا ومؤلما علي عندما سيأتي يوم وأقلب دفاتري وأقرأ ما كتبت سابقا.توقفت عن الكتابة في وقت أحسست بكل ما في الوجود ضدّي,وحتى المقربون . ولكن : إن لم أجد حدثا جميلا أكتبه فهل من الصواب أن أنقطع عن الكتابة وأنا المؤمن دوما بقول الكاتب حنّا مينه "حين يتوقف قلبي عن الحب توقف يدي عن الكتابة . فهل يا ترى قلبي متوقف عن الحب دون أن أدري ؟ ! اليوم قررت أ ن أ تجاوز هذه الحالةوأن وأكتب عن لحظات قاسية أعيشها في هذه الغربة الموجعة تتحطم الأمنيات وتتكسر الآمال . توصد أبواب بوجهي وكل من حولي يقول : أنت السبب لأنك لا تجيد البحث عن العمل..وأنا لا أنفك باحثا وطارقا أبوابا وأبواب من أجل الحصول على عمل ,ولكن دون جدوى حتى يصل بي المطاف إلى وقت أجد فيه نفسي بلا عمل يكفيني لأقتات خبز يومي , فيكثر الساخرون من حولي , وبالطبع من أبناء قريتي !؟ في هذه المرحلة اكتشفت ما لم أقتنع به أبدا وهو بأن قيمة المرء تتناسب مع قيمة ما يملك من مال وليس من قيم وأخلاق وثقافة...هذا ما يشير إليه كل شيء من حولي ولنرجع إلى المثل القديم الذي كنت أنبذه والقائل : معك قرش بتسوى قرش نعم فالمرء في يومنا هذا يكون على حق في كلامه بحسب مستواه المادي وليس بقدر صحة هذا الكلام.فهل وصلنا إلى زمن تتكلم النقود فيه.نعم فقيمة المرء مناطة بقيمة ما يملك من نقود فقط وبناء على هذا يمكن القول بأننا لم نعد بشر بل أصبحنا سلع قيمة كل سلعة هي قيمة النقود التي تملك.فلا شيء تقدر قيمته بالنقود سوى السلع في وقت أصبحت فيه قيمة الانسان تقدر بما يملك,فإنساننا الحالي هو سلعة ربما من الصعب القبول بمثل هذا الكلام ولكن بالتدقيق نجده صحيحا وينطبق على فئة كبيرة من البشر في بلادنا إن لم يكن على مستى أوسع هذا ما اختبرته حيث أقطن وحيث أعيش. ربما ستقولون لي ولكن يوجد فلان بعكس ما تقول. بالطبع يوجد أناس ما زالوا بشرا ولم يتحولوا إلى سلع وربما لن يتحولون. ولكن إن أجرينا دراسة على الواقع الذي نعيش سنكتشف بأن معظم الناس تحولوا إلى سلع إذ نستطيع القول بالأكثرية بأن إنساننا الحالي سلعة 
